حين تحل بعد قليل ليلة يوم الأحد.. وتشير الساعة إلى الثانية عشر ليلا.. أكون قد بلغت من عمري في الدنيا ستا وأربعون عاما.
لا أذكر منها كثيرا.. لكني أتذكر علامات حفرتها الأيام.
أتذكر حين كنت بجوار أبي في المسجد الحرام.. جاء أحدهم ليخبره أن رجلا قد مات.. فيتهلل وجه أبي!
واتعجب أنا..
أبي الرجل الذي يعلمنا ألا نؤذي أحدا كيف يستبشر بموت أحدهم!
كنت وقتها في الرابعة من عمري..
سألت أبي: أبي لماذا فرحت بموته ومن هو.
أجابني أبي: إنه رجل سيء.
بعد أن كبرت وعددت أيامي علمت أنه رجل باع قضية فل₩طين.
أتذكر حين قال لي ذات يوم دموعك غالية علي "لأمر أحزنني".
كان كثيرا ما يناديني بأم أبيها.. والأم الرؤوم.
لقد منحني أبي حبا لم أشعر معه يوما أني بحاجة إلى حب رجل.. علمني أبي كيف أكون قوية بالله.. علمني حب القراءة.. وكم أهداني وإخوتي كتبا.. وكم صادر منا كتبا أيضا.. يتركنا نشتريها.. ثم اذا شعر أننا انشغلنا بها أكثر مما يجب.. قام بحملة تفتيش ومصادرة..
كنا أحيانا ننقذ كتابا من تلك الكتب في أماكان عجيبة!
درج الفريزر مثلا😎
أتذكر حين كنت أدخل عليه بعد صلاة العصر مكتبته وقد غاص في الكتب حوله.. واضعا نظارته فوق أنفه.. فإذا دخلت نظر إلى من فوقها فتكون أجمل نظرات أهل الأرض.
رحمة الله عليك يا أبي.. يقولون أني ثورجية مثلك.. لا أقبل أن يقهرني أحد أو أن تسول له نفسه أن يحاول تطوعي بلا وجه حق.
أشعر دوما بالفخر أني ابنة "صلاح".
ترى هل يعلم أبي أني أحب صلاح ابن أخي أكثر من أي طفل.. لأن اسمه صلاح.
