الاثنين، نوفمبر 05، 2012

فنجان قهوة في أبها

جاءتنا رابع يوم العيد وقت الظهيرة.. طرقت الباب.. ففتح لها زوجي.. قالت بخجل: أنا جارتكم..  وهذا بعض لحم العيد.. ورحلت سريعا .
 في المساء ذهبت لأزورها وقد أخذت لها هدية فهذه سنة النبي أن تكرم من أكرمك.. فتحت لي بعد أن عرفتها بنفسي..
 امرأة قد جاوزت الستين..  تضع على رأسها وشاح بلون الزرع الأخضر الفاتح.. وقد أظهرت بعضا من شعرات رأسها المصبوغ بالأحمر.. مددت يدي لأسلم فجذبتني لتحتضنني.. فاحتضنتها .

قدمت لي بعض القهوة وأخذت تحكي عن ذكريات أظنها تحكيها لكل من يزورها.. قالت: تزوجت وعندي خمسة عشر عاما.. كنت أحبه وكان يحبني.. بعد شهر من زواجنا خرج بسيارته.. فأصيب في حادث ومات.. كنت قد حملت بابنتي .
عدت إلى بيت أبي وكان قد توفي رحمة الله عليه. ومرضت أمي مرضا شديدا حزنا عليه.. فربيت إخوتى الخمسة.. بعد تسعة أشهر أنجبت ابنتي.. فأصبحت أربي ست أطفال.. ولم أكمل السابعة عشرة بعد.. كبرت ابنتي وسط إخوتي.. وتزوج الجميع.. ذهبت لأعيش عند أحد إخوتي أنا وأمي.. ثم  لم نحتمل أن نكون  ضيوفا على أحد.. فعدت أنا وأمي  إلى هذا البيت.  وكنت قد ورثته عن زوجي..  بعد عامين  رحلت أمي عن الحياة..
الآن تزورني ابنتي مع ابنتيها كل أسبوع ثم يغادرنني .. وسكتت .
رحت أقرأ ملامح قد خطتها السنون على وجهها.. ولم أكن قد أنهيت فنجال القهوة التي قدمته لي..
 قالت: اشربي.. ألم تحبي قهوتنا.. كانت قهوة عربية تصنع وتصب في ترمس كبير ويصبون منها في فناجيل تشبه كثيرا فناجيل القهوة التركية لكنها بلا أيد  

 قلت لها : بلى.. وأنا أردد بداخلي أحببت قهوتك.. واندهشت لقصتك .
كانت القهوة قد بردت فصبت لي فنجال أخر احتسيته سريعا .
 قمت لأغادرها واعتذرت أني قد تركت أبنائي مع أبيهم.. وقلت لها اعذريني.. فربما يزعجك أبنائي فهم أطفال مشاغبون..  قالت: إطلاقا.. بل أشعر بالأنس حين أسمع صوت لعبهم.. أشعر أن هناك حياة.. أاعطتني بعض الحلوى لهم..
 حين استدرت ذاهبة.. نادتني : ما اسمك؟! 
لقد نسيت أن تسألني.. 
قلت لها: إسمي سمية.. قالت: عودي ياسمية .

 نظرت إليها.. قالت: عاودي زيارتي مرة أخرى.. كلما وجدت متسعا من الوقت.. فليس لدي ما يشغلني.. هززت رأسي موافقة..  وحين كنت أنزل درجات السلم أخذت أسأل نفسي تُرى لو كان بطل القصة رجلا هل كانت تفاصيل الحكاية ستختلف؟

ليست هناك تعليقات: